آخر المواضيع

الأحد، 24 مايو 2015

التربية الفنية وأثارها فى تعديل السلوك

 
 إن التعبير الفني والرسوم لها دورها الفعال في استعادة التوازن الانفعالي والتوافق الشخصي والاجتماعي للفرد والحفاظ على صحته النفسية . ومن ثم يعدُ العلاج بالفن واحداً من أهم طرق العلاج النفسي
إن العلاج بالفن من المجالات المهنية والأكاديمية حديثة العهد نسبياً ، وهو يقوم على تطويع الأنشطة الفنية التشكيلية ، وتوظيفها بأسلوب منظم ومخطط ، لتحقيق أغراض تشخيصية وعلاجية تنموية نفسية ، عن طريق استخدام الوسائط والمواد الفنية الممكنة في أنشطة فردية أو جماعية .

ويستهدف العلاج بالفن مساعدة المرضى على أعادة بناء الطرق التي ينظمون بها حياتهم ويعيشونها ويدركونها . وتحريكهم من حالات الشعور بالاغتراب ، والتعاطف ‘ والرغبة في التعلم والنمو ، والإعجاب بالحياة والإقبال عليها ، والإحساس بالتوازن والسلام الداخلي . وعادة ما يعنى المعالجون بالفن أساساً بتناول التعبير الفني على أنه تعبير رمزي يعكس شخصية صاحبه، ودوافعه وصراعاته وحاجاته الخاصة ، وأحاسيسه ومشاعره واتجاهاته، وعلاقاته ببيئته الأسرية والاجتماعية . وكما تشير (أديث كرامر) فإن المعالجين بالفن يركزون علي تفسير المعاني والأبعاد اللاشعورية للإشكال والرموز المتضمنة في التعبير ، وملاحظة العلاقة الوثيقة بينها وبنية الشخصية .وأن القاعدة الأساسية في العلاج بالفن  كما في طرق العلاج النفسي عموماً هي قبول كل الاستجابات . والنواتج بصرف النظر عن مسألة الجودة الفنية فيما ينتجه العميل من أشكال تعبيرية فنية مختلفة . وتعد (مرجريت نومبيرج) من أوائل الرواد في مجال العلاج بالفن

وتناولت نومبيرج العلاج بالفن على أنة يعتمد في طرقة وأساليبه على السماح للمواد اللاشعورية بالتعبير التلقائي من خلال الوسائط والمواد الفنية . كما يقوم على تطوير العلاقة الوثيقة بين العميل والمعالج وجهدها المتواصل ورغبتها المشتركة ، وتشجيع عملية التداعي الحر بغية استخلاص البيانات والتحليلات والتفسيرات من خلال التصميمات والرموز الناتجة، والتي تمثل شكلاً من أشكال التواصل أو الكلام الرمزي بين العميل والمعالج. كما عددت المميزات المختلفة لاستخدام الرسم والتصوير والتشكيل بالصلصال في العلاج النفسي التحليلي في عدة أمور لعل من أهمها أن هذه الاستخدامات تسمح بالتعبير المباشر عن الأحلام والخيالات وبترجمة الخبرات والمشاعر. بإمكانها الهروب من الرقابة بيسر وسهولة أكثر من التعبير اللفظي عنها .

 كما تذكر ((نومبيرج)) أن النواتج المطروحة من خلال الرسم والتعبيرات الفنية تكون أكثر ثباتاً، حيث لا تتأثر محتوياتها بالنسيان ، إضافة إلى أنه يصعب إنكارها . وأنه عن طريق العلاج بالفن تكون الفرصة متاحة لتشجيع استقلالية العميل من خلال إسهاماته المتزايدة في ترجمة مشعره وتأويل إبداعاته الخاصة. كما أن العميل سوف يتخلص تدريجياً من اعتماده على المعالج ويستبدلها بفنه الخاص وتندرج فئة الأطفال المعاقين عقلياً ضمن فئات التربية الخاصة، والتي يُصمم لها برامج تناسب الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة على حسب احتياجاتهم وقدراتهم، والتي تكون مختلفة بالنسبة لنوع الإعاقة وشدتها. ولقد اتضح أن الأنشطة الفنية تمكن صاحب الاعاقة أن يقوم بأعمال فنية تُجاري إخوانه الأسوياء، ويستمتعون بقدرتهم على الإنتاج والعمل الفني، الأمر الذي يقلل من شعورهم بالقصور والدونية ويُنمّي مشاعر الثقة بالنفس لديهم. والعلاج بالفن هو جوهر نشاط الفرد سواء استخدم في أغراض التربية أم لتحقيق أغراض العلاج النفسي ، من حيث التوجيهات النظرية والتطبيقية لكلا الاستخدامين . فبرامج العلاج بالفن قد طورت أساسا لمقابلة الاحتياجات الخاصة لأفراد معينين كالمرضى النفسين ن وذوى الاضطرابات الانفعالية والمعوقين ، على حين صممت مناهج التربية عن طريق الفن ضمن برامج التعليم العام لجماعات العاديين من الأطفال والمراهقين لتحقيق الحد الأدنى المنشود من خلال التكامل في استجاباتهم وشخصياتهم . وتنمية مقدراتهم الإبداعية وخبراتهم المعرفية والتذوقية من خلال الفن وأنشطته المختلفة .
 
ويستخدم المنتج الفني في إطار العلاج بالفن كأداة تشخيصية ووسيلة علاجية ، تبعاً لخطة علاجية يتم التركيز فيها على النمو العاطفي والنفسي وتدعيم الصحة النفسية للعميل ، وعلى تشجيعه قدر الإمكان على التمثيل البصري لمشاعره وأفكاره الخاصة . ثم القيام بتفسير محتوي المنتج في إطار توجيهات نظرية وأساليب علاجية معينة..على حين أن المنتج الفني في إطار التربية الفنية قد يتم كغاية في ذاته من زاوية الخصائص الجمالية أو النقد الفني ، أو من حيث دلالته على تطور الأداء الفني والمهارى للمتعلم، وعلى نمو ة الإبداعي والإدراكي والمعرفي ، وقد لايهتم في ذلك كله بالضرورة بتفسير الرموز المتضمنة تفسيراً نفسياً.ومن زاوية أخرى فإن دور معلم الفن في العملية التعليمية لايخلو من كونه موجهاً ومربياً لتلاميذه وفق أهداف تعليمية محددة ، ومن متابعة مايطرأ على سلوكهم من تغيرات ، وما يعكسونه من نواتج بفعل عملية التعليم ، مثل ازدياد معرفتهم ببعض أبعاد اللون ، كالقيمة أو الكثافة . أو ازدياد مقدرتهم على التفكير والإنتاج الإبداعي باستخدام وحدات هندسية محددة ، أو كسبهم لمهارة استخدام القواطع لتفريغ تصميمات طباعيه بالإستنسل . 

كما لا يخلو دور معلم الفن من كونه ناقداً لأعمال تلاميذه ، وحكماً عليها . أما المعالج بالفن فإنه ليس بحكم أو ناقد لما ينتجه العميل من أعمال ، أو ما يظهره من مهارات . وإنما يكمن دوره أساساً في تأمين مناخ مساند خال من عوامل الخوف والكف ، يساعد العميل على الشعور بالأمن ، ويشجعه على التعبير بتلقائية وحرية . وعليه أن يتقبل استجاباته كما هي ، ودون تدخل منه . ثم يقوم بتفسير محتواها ورموزها تبعاً لتاريخ حالته وخلفيته الأسرية والإجتماعيه ومن هنا فالتربية الفنية تعتبر تربية شاملة من حيث اهتمامها بالنواحي الفعلية والوجدانية والانفعالية والمعرفية والثقافية والتربوية لدى الطفل وهذا المفهوم يؤكد عدم حصر دورها ووظيفتها في الممارسات العملية والمهارات اليدوية فهي تسعى الى تعديل السلوك وبناء الشخصية وتكاملها واتزانها الى جانب تطوير الخبرات وتوسيع المدركات العقلية والخيالية والحسية بطريقة فريدة لا يمكن لأي مادة تعليمية اخرى ان تجسدها وتكسبهم خبرات ومهارات تفيدهم في حياتهم العلمية. وتعمل التربية الفنية للفئات الخاصة على استثمار القدرات المتبقية والإمكانيات بأفضل طريقة ممكنة عن طريق التعليم بواسطة الفن مما يساعد على اعداد المعوق مهنيا وفنيا للقيام بأي عمل نفعي جمالي يكتسب منه قوته ويحقق له التوافق الاقتصادي مستقبلا حتى لا يصبح عالة على غيره.

إرسال تعليق

 
جميع الحقوق محفوظة © 2015 موقع بسمة امل العائلى

تطوير الوايلي للتربية الفكرية